تسامح الصغار


تسامح الصغار 

   تمهيد :

التسامح قيمة أخلاقية وضرورة سياسية وقانونية تتمثل في الإقرار بحق الإختلاف والقبول بالآخر واحترام المخالف بغض النظر عن  عقيدته وعرقه ولونه وانتمائه الفكري والسياسي ووظيفته أو جنسيته .

 ١ ملاحظة النص

أ نوعية النص

النص قصيدة شعرية عمودية البناء للشاعر أحمد شوقي والتي تندرج ضمن مجزوءة القيم .

ب دراسة العنوان

العنوان مركب إضافي يتألف من لفظتين توحي اللفظة الأولى على قيمة نبيلة تتجلى في الحق في الإختلاف وقبول الآجر واحترام المواقف دون تعصب أما الثانية فهي بنية عمرية تتمثل في البراءة ونبذ العنف والطهر وبالتالي يدل العنوان على روح التسامح والسلام بين الصغار .

ت فرضية النص

انطلاقا من المؤشرات الخارجية للقصيدة نفترض أن النص سيتحدث عن دور التسامح بين الصغار في خلق مجتمع متقدم .

٢ الفهم

أ مضمون القصيدة

استهل الشاعر قصيدته بإبراز مظاهر وأشكال احتفال بالعيد لينتقل إلى تحديد مظاهر التسامح المتمثلة في التسامح الفكري والعرقي ، ودعى في الأخير الكبار إلى التسامح ، متخدا بالصغار نموذجا يقتدى به.

٣ التحليل

أ الحقول الدلالية

حقل الفرح : بحلوان تستبشر – الفرح الأكبر – بلعبته يزدهي – بحلته يفتخر – باقة تزدهر – لؤلؤا ينثر ...
حقل التسامح : إذا اجتمع الكل – فلاسفة كلهم في اتفاق –  لا يزدري بالفقير الغني – لاينكر الأبيض الأسمر...
نستنتج أن العلاقة بين الحقلين هي علاقة ترابط وتكامل لأن التسامح كقيمة أخلاقية ينتج عنها نشر الحب وتآلف القلوب.

ب المستوى الفني والتصويري

اعتمد الشاعر مجموعة من الألوان البلاغية خاصة التشبيه باعتباره أسلوبا يساهم في إضفاء صفة الجمال كما يبرز سعة خيال الشاعر وبراعته في التصوير حيث شبه الشاعر الصغار بباقة الزهر واللؤلؤ لإبراز مظاهر الجمال والصفاء.
المحسنات البديعية
الطباق : الأبيض # الأسود | الغني # الفقير| يساهم في توضيح المعنى وتقويته وإيضاحه وإثارة إنتباه المتلقي عن طريق ذكر شيء وضده.
الجناس : اتفق – اتفاق =الإشباع الدلالي
ساهمت الصور البيانية والبديعية في منح النص طابعا فنيا وجماليا ( الإمتاع ) كما عملت على تحقيق الإقناع والتأثير.

ت المستوى التركيبي

الأساليب اللغوية :
النفي : لا يزدي – لا ينكر  : وغاية الشاعر من توظيفه نبذ العنف والإقصاء وترسيخ ثقافة التسامح.  


أسماء الإشارة هذا بلعبته : وتنفيذ التخصيص والتعين              
الأساليب البلاغية :
التمني : ليت شعري – لعل الكبار
الإستفهام : أم العقل ما عنه يؤثر؟
تتحدد وظيفة الأساليب الإنشائية في التأثير والإقناع إضافة إلى إبراز الطاقة الانفعالية والتعبيرية للشاعر كما تضبط العلاقة بين ما هو نفسي وفكري.

ج المستوى الإيقاعي :

الإيقاع الخارجي : "الوزن " : نظم الشاعر قصيدته على بحر المتقارب فعلون × ٤ وهو من البحور الصافية ( تقطيع البيت الأول).
 "القافية"   :  جاءة موحدة ومطابقة لأن حرف رويها متحرك .
"الروي" : اختار الشاعر حرف الراء وهو من الحروف القوية التي ساعدت الشاعر على ايصال صوته وترسيخ ثقافة التسامح . أما الإيقاع الداخلي للقصيدة فيرتكز على عنصر التكرار ، تكرار الحروف   (الراء – السين – النون...) والألفاظ (ديسمبر – شعبان) إضافة إلى التكرار التركيبي (الموازنة – التوازي) مثال: هذا بلعبته يزدهي/ هذا بحلته يفتخر.
للتكرار و ظيفتان : وظيفة دلالية : ترسيخ قيمة التسامح كسلوك إنساني ، ثم وظيفة إيقاعية : خلق تناغم صوتي وانسجام موسيقي.
تساهم البينية الإيقاعية في ضبط وتنمية موسيقى القصيدة.
التركيب والتقويم٤
تسامح الصغار قصيدة شعرية للشاعر أحمد شوقي ، تناول من خلالها قيمة التسامح كقيمة أخلاقية حيث استعملها لإبراز مظاهر الاحتفال بعيد المسيح لينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن أشكال ومظاهر التسامح الديني والعرقي والاجتماعي ، كما دعى في آخر القصيدة إلى ضرورة الاقتداء بتسامح الصغار باعتبارهم نموذجا للطهر والبراءة، ولإبراز البعد الإنساني للتسامح استند الشاعر الى حقلين دلاليين (حقل الفرح وحقل التسامح) كما استعان بأساليب بلاغية كالتشبيه والطباق إضافة إلى الأساليب اللغوية كالنفي الذي حاول من خلاله الشاعر التأكيد على أهمية السلم والتعايش ونبذ الإقصاء والتهميش ، كما ساهمت البنية الإيقاعية في خلق انسجام صوتي وتناغم موسيقي ، إضافة إلى التكرار الذي ساهم في ترسيخ ثقافة التسامح وقبول الآخر.
  التسامح قيمة أخلاقية نبيلة ، تعترف بالآخر وتقرر بالحق في الاختلاف ، لذلك وجب ترسيخها كثقافة لبناء مجتمع سليم ومتوازن

اكتب تعليق